رغم منحه «نجمة سيناء».. البشير يصعِّد أزمة حلايب وشلاتين

 

 

 

تناول الكاتب ماجد عاطف في مقال له نشر على موقع مجلة فورين أفيرز الأمريكية، الأزمة المتصاعدة بين مصر والسودان بسبب النزاع الحدودي القائم على حلايب وشلاتين.

 

وقال ماجد إنّ الرئيس السوداني عمر البشير زار القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016 لحضور احتفالات مصر بعيد تحرير سيناء، إذ قلّده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نجمة سيناء، وهي أعلى وسام عسكري في مصر. وظهر كلا الرجلين إلى جانب بعضهما وهما يتفقدان وحدات من الجيش، وذلك في مؤشر على تحسن العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر.

 

كانت العلاقات بين البلدين يشوبها التوتر فيما مضى. ويعود ذلك إلى عام 1995، حين اتهمت مصر السودان بمساعدة منفذي محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا.

لكن شهر العسل لم يدُم طويلاً بين البلدين – كما يشير ماجد– فقد بدأت بوادر الخلاف تظهر مجددًا في أوائل العام الحالي، فقد طالبت الخرطوم مصر بتسليمها مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه منذ مدة طويلة، متسلحة بتحسن علاقاتها مع السعودية، والولايات المتحدة. وحين رفضت مصر ذلك، اشتعلت حرب إعلامية شرسة بين البلدين زادت من حدة التوتر بينهما.

 

وفي مؤشر على زيادة التوتر، أقدم السودان على فرض تأشيرة على دخول المصريين إليه. كما حظر استيراد الفاكهة من مصر بحجة تلوثها. وأخيرًا، اتهم البشير مصر بتزويد جنوب السودان بالسلاح. من جانبه، شعر النظام الحالي في مصر بالغضب من استضافة هاربين من جماعة الإخوان المسلمين – التي يصنفها على أنها جماعة إرهابية– فأرسلت مصر وحدات عسكرية إلى المياه الإقليمية لحلايب، وحلقت المقاتلات المصرية فوق المنطقة.

 

اقرأ أيضًا: «ساسة بوست» يستقصي 4 أسباب قد تخسر مصر حلايب وشلاتين نتيجتها

 

أصل الخلاف

 

 

يعود الخلاف بين البلدين إلى عام 1899 – حين كانا يقعان تحت الحماية البريطانية– عندما قررت بريطانيا ترسيم الحدود بينهما. وحددت خط العرض 22 حدًّا فاصلًا، وبقيت المنطقة محل النزاع ضمن حدود مصر الإدارية. ولكن في عام 1902 – وبناءً على أسباب ثقافية وقبلية– نقلت بريطانيا المنطقة إلى الجانب السوداني. تتمسك مصر باتفاقية عام 1899، بينما يتمسك السودان بالتعديل الذي جرى في عام 1902.

 

اشتعل الخلاف عام 1958، حين قرر جمال عبد الناصر إجراء استفتاء على رئاسته الجمهورية العربية المتحدة – دولة موحدة بين مصر وسوريا– لتفاجأ مصر بوجود لجنة سودانية هناك تجري انتخابات برلمانية. حرك ناصر جيشه لمنع السودان من إجراء انتخابات في المنطقة، فلم يكن من الخرطوم إلا أن قدمت شكوى إلى مجلس الأمن.

لكن ناصر قرر عدم تصعيد الأزمة إلى حرب بين البلدين. من جانبه، لم يكف السودان عن المطالبة بمثلث حلايب طوال السنين الماضية، لكن ممثلي البلدين طالبا بتأجيل مناقشة الأمر.

 

تجدد الخلاف مجددًا مع اتهام مصر للمخابرات السودانية بمساعدة الجماعة الإسلامية وزعيمها – مصطفى حمزة– في تنفيذ محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك الفاشلة في أديس أبابا. وردًّا على ذلك، أحكم الجيش المصري قبضته على المنطقة، بينما التزم السودان الصمت.

 

اقرأ ايضًا:  «إخوة أم أعداء؟»: التفاصيل شبه الكاملة للصراع المحتدم بين مصر والسودان

 

موقف السودان يزداد قوةً 

 

يرى عاطف أنّ السودان بات أقوى الآن مما كان عليه عام 1995. فبعد تحسن العلاقات بين الخرطوم والرياض – بسبب انخراط الأولى بفعالية في حرب اليمن– في مقابل رفض السيسي المشاركة، أصبح السودان أهم حليف للمملكة في هذه الحرب. تشير التقديرات إلى وجود 6000 جندي سوداني هناك، فضلاً عن المئات من عناصر قبيلة الجانجويد الذين حلوا محل القوات الإماراتية، التي أعلنت انسحابها في أبريل (نيسان) عام 2016. وبعد تعرض السفارة السعودية في طهران إلى هجوم في عام 2016، سارع البشير إلى قطع علاقاته مع إيران تضامنًا مع المملكة. فضمن البشير دعمًا ماليًّا وسياسيًّا غير محدود من الرياض.

 

اقرأ أيضًا: ما وراء علاقة البشير وسلمان.. المعلومات والمقاتلون مقابل الدولارات

 

وقد تحسنت علاقات الخرطوم بواشنطن أيضًا – كما يشير عاطف– فقد قررت الأخيرة رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على السودان لإجباره على محاربة الإرهاب. وقد تصادف أن حدث ذلك في نفس الوقت الذي قطعت فيه الخرطوم علاقاتها بطهران. وقد اتهم حزب الله – الذي كان على علاقة قوية بالسودان قبل الأزمة السورية– الخرطوم بتمرير معلومات عن معسكرات تدريب الحزب القديمة في السودان إلى واشنطن.

 

كل ما سبق – فضلاً عن ضعف النظام المصري سياسيًّا واقتصاديًا – شجع البشير على فتح ملف حلايب مجددًا. في غضون ذلك، تمر مصر بفترة عصيبة، إذ تعاني من تهريب السلاح من جهة الحدود الليبية غربًا، وتنخرط في حرب دموية في سيناء مع تنظيم الدولة شرقًا.

ويرى الكاتب أنّ موقف السيسي الهش داخليًّا يمنعه من التفريط في مثلث حلايب، أو القبول بتحكيم دولي لحل النزاع. فما تزال الأزمة التي اشتعلت داخل مصر بسبب التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية تتردد أصداؤها حتى الآن.

 

ليس أمام السيسي بديل سوى التخفيف من حدة التوتر – يختتم ماجد بالقول – وذلك تجنبًا للمزيد من القلاقل داخليًا. وفي سبيل ذلك، أوفدت مصر وزير خارجيتها سامح شكري إلى الخرطوم للقاء نظيره السوداني لتهدئة الأجواء. وقد صدر عن الرجلين بيان بعد اللقاء ناشدا فيه الإعلام في البلدين وقف الحملات العدائية. كما سافر السيسي إلى السعودية لإصلاح العلاقات مع المملكة، ولإقناع الرياض بموقفه من النزاع على مثلث حلايب. ولكن لا يُعرف ما الذي حققه السيسي من زيارته. المؤكد أنّه يقف على أرضية غير مستقرة وقد يزداد الموقف سوءًا في أي لحظة.

 

 

 

 

تناول الكاتب ماجد عاطف في مقال له نشر على موقع مجلة فورين أفيرز الأمريكية، الأزمة المتصاعدة بين مصر والسودان بسبب النزاع الحدودي القائم على حلايب وشلاتين.

 

وقال ماجد إنّ الرئيس السوداني عمر البشير زار القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016 لحضور احتفالات مصر بعيد تحرير سيناء، إذ قلّده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نجمة سيناء، وهي أعلى وسام عسكري في مصر. وظهر كلا الرجلين إلى جانب بعضهما وهما يتفقدان وحدات من الجيش، وذلك في مؤشر على تحسن العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر.

 

كانت العلاقات بين البلدين يشوبها التوتر فيما مضى. ويعود ذلك إلى عام 1995، حين اتهمت مصر السودان بمساعدة منفذي محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا.

لكن شهر العسل لم يدُم طويلاً بين البلدين – كما يشير ماجد– فقد بدأت بوادر الخلاف تظهر مجددًا في أوائل العام الحالي، فقد طالبت الخرطوم مصر بتسليمها مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه منذ مدة طويلة، متسلحة بتحسن علاقاتها مع السعودية، والولايات المتحدة. وحين رفضت مصر ذلك، اشتعلت حرب إعلامية شرسة بين البلدين زادت من حدة التوتر بينهما.

 

وفي مؤشر على زيادة التوتر، أقدم السودان على فرض تأشيرة على دخول المصريين إليه. كما حظر استيراد الفاكهة من مصر بحجة تلوثها. وأخيرًا، اتهم البشير مصر بتزويد جنوب السودان بالسلاح. من جانبه، شعر النظام الحالي في مصر بالغضب من استضافة هاربين من جماعة الإخوان المسلمين – التي يصنفها على أنها جماعة إرهابية– فأرسلت مصر وحدات عسكرية إلى المياه الإقليمية لحلايب، وحلقت المقاتلات المصرية فوق المنطقة.

 

اقرأ أيضًا: «ساسة بوست» يستقصي 4 أسباب قد تخسر مصر حلايب وشلاتين نتيجتها

 

أصل الخلاف

 

 

يعود الخلاف بين البلدين إلى عام 1899 – حين كانا يقعان تحت الحماية البريطانية– عندما قررت بريطانيا ترسيم الحدود بينهما. وحددت خط العرض 22 حدًّا فاصلًا، وبقيت المنطقة محل النزاع ضمن حدود مصر الإدارية. ولكن في عام 1902 – وبناءً على أسباب ثقافية وقبلية– نقلت بريطانيا المنطقة إلى الجانب السوداني. تتمسك مصر باتفاقية عام 1899، بينما يتمسك السودان بالتعديل الذي جرى في عام 1902.

 

اشتعل الخلاف عام 1958، حين قرر جمال عبد الناصر إجراء استفتاء على رئاسته الجمهورية العربية المتحدة – دولة موحدة بين مصر وسوريا– لتفاجأ مصر بوجود لجنة سودانية هناك تجري انتخابات برلمانية. حرك ناصر جيشه لمنع السودان من إجراء انتخابات في المنطقة، فلم يكن من الخرطوم إلا أن قدمت شكوى إلى مجلس الأمن.

لكن ناصر قرر عدم تصعيد الأزمة إلى حرب بين البلدين. من جانبه، لم يكف السودان عن المطالبة بمثلث حلايب طوال السنين الماضية، لكن ممثلي البلدين طالبا بتأجيل مناقشة الأمر.

 

تجدد الخلاف مجددًا مع اتهام مصر للمخابرات السودانية بمساعدة الجماعة الإسلامية وزعيمها – مصطفى حمزة– في تنفيذ محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك الفاشلة في أديس أبابا. وردًّا على ذلك، أحكم الجيش المصري قبضته على المنطقة، بينما التزم السودان الصمت.

 

اقرأ ايضًا:  «إخوة أم أعداء؟»: التفاصيل شبه الكاملة للصراع المحتدم بين مصر والسودان

 

موقف السودان يزداد قوةً 

 

يرى عاطف أنّ السودان بات أقوى الآن مما كان عليه عام 1995. فبعد تحسن العلاقات بين الخرطوم والرياض – بسبب انخراط الأولى بفعالية في حرب اليمن– في مقابل رفض السيسي المشاركة، أصبح السودان أهم حليف للمملكة في هذه الحرب. تشير التقديرات إلى وجود 6000 جندي سوداني هناك، فضلاً عن المئات من عناصر قبيلة الجانجويد الذين حلوا محل القوات الإماراتية، التي أعلنت انسحابها في أبريل (نيسان) عام 2016. وبعد تعرض السفارة السعودية في طهران إلى هجوم في عام 2016، سارع البشير إلى قطع علاقاته مع إيران تضامنًا مع المملكة. فضمن البشير دعمًا ماليًّا وسياسيًّا غير محدود من الرياض.

 

اقرأ أيضًا: ما وراء علاقة البشير وسلمان.. المعلومات والمقاتلون مقابل الدولارات

 

وقد تحسنت علاقات الخرطوم بواشنطن أيضًا – كما يشير عاطف– فقد قررت الأخيرة رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على السودان لإجباره على محاربة الإرهاب. وقد تصادف أن حدث ذلك في نفس الوقت الذي قطعت فيه الخرطوم علاقاتها بطهران. وقد اتهم حزب الله – الذي كان على علاقة قوية بالسودان قبل الأزمة السورية– الخرطوم بتمرير معلومات عن معسكرات تدريب الحزب القديمة في السودان إلى واشنطن.

 

كل ما سبق – فضلاً عن ضعف النظام المصري سياسيًّا واقتصاديًا – شجع البشير على فتح ملف حلايب مجددًا. في غضون ذلك، تمر مصر بفترة عصيبة، إذ تعاني من تهريب السلاح من جهة الحدود الليبية غربًا، وتنخرط في حرب دموية في سيناء مع تنظيم الدولة شرقًا.

ويرى الكاتب أنّ موقف السيسي الهش داخليًّا يمنعه من التفريط في مثلث حلايب، أو القبول بتحكيم دولي لحل النزاع. فما تزال الأزمة التي اشتعلت داخل مصر بسبب التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية تتردد أصداؤها حتى الآن.

 

ليس أمام السيسي بديل سوى التخفيف من حدة التوتر – يختتم ماجد بالقول – وذلك تجنبًا للمزيد من القلاقل داخليًا. وفي سبيل ذلك، أوفدت مصر وزير خارجيتها سامح شكري إلى الخرطوم للقاء نظيره السوداني لتهدئة الأجواء. وقد صدر عن الرجلين بيان بعد اللقاء ناشدا فيه الإعلام في البلدين وقف الحملات العدائية. كما سافر السيسي إلى السعودية لإصلاح العلاقات مع المملكة، ولإقناع الرياض بموقفه من النزاع على مثلث حلايب. ولكن لا يُعرف ما الذي حققه السيسي من زيارته. المؤكد أنّه يقف على أرضية غير مستقرة وقد يزداد الموقف سوءًا في أي لحظة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...