“مدينة زبيد” منارة علمية تتحدث عن نفسها في صمت
لكل مدينة حكاية وأصل وفصل وتاريخ يحكي أمجادها ويكشف أسرارها التي لم تبح بها، فكل ركن وزاوية وحجر في المدينة له قصة يرويها بمجرد النظر إليه، مدينة زبيد اليمنية دليل على ذلك، فقد جمعت الثقافة والتاريخ، وما إن تنظر إلى آثارها تجد حولك مئات القصص والأسرار التي تستفزك لكشفها.
عندما نبحر في التاريخ نجد أن مدينة "زبيد" أول مدينة إسلامية في اليمن، اختطها علي محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204هـ وكانت قبل ذلك التاريخ عبارة عن ثلاث قرى صغيرة هي المنامة والنقير وجبيجر.
ومنذ اختطاطها اتخذها علي محمد بن زياد عاصمة للدولة الزيادية (أول دولة إسلامية يمنية)، وقد ظلت عاصمة ومركز حكم للدويلات المتعاقبة مثل الدولة النجاحية والمهدية، ثم عاصمة شتوية ومركز علم وثقافة في عهد الدولة الأيوبية والرسولية والطاهرية في عهد المماليك، ثم أصبحت بعد ذلك مركزًا إداريًا وثقافيًا منذ قدوم الأتراك حتى اليوم.
يبلغ عدد سكان المدينة حسب دائرة الإحصاء لعام 2004 نحو 29035 نسمة، وتبلغ مساحتها الكلية ما يقارب 245 هكتارًا، ويعود أصل التسمية للمدينة نسبةً لوادي زبيد الذي تقع في منتصفه
وتقع زبيد في محافظة الحديدة وتتميز بأهمية تاريخية واستراتيجية، ويبلغ عدد سكانها حسب دائرة الإحصاء لعام 2004 نحو 29035 نسمة، وتبلغ مساحتها الكلية ما يقارب 245 هكتارًا، ويعود أصل التسمية للمدينة نسبةً لوادي زبيد الذي تقع في منتصفه.
ونظرًا لمكانتها العالمية فقد أصدرت منظمة اليونسكو عام 1993 قرارًا باعتبار المدينة معلم حضاري تاريخي ضمن معالم التراث الإنساني العالمي، وفي مارس من العام 1998 صنفت ضمن المدن التاريخية العالمية.
وعن التخطيط الجغرافي للمدينة، يحيط بالمدينة القديمة سور من الياجور شيد في القرن الثالث الهجري في عهد الأمير سلامة، ولقد جدد هذا السور وأضيفت إليه إضافات أخرى في عهد الدويلات التي تلت، حتى هدم في عهد الدولة العثمانية 1045هـ، ثم أسند بناؤه للقاضي الحسن بن عقيل الحازمي قاضي زبيد في عام 1222هـ.
وتوجد للمدينة خمسة أبواب هي باب سهام في الشمال والشبارق في الشرق والقرتب في الجنوب والنخيل في الغرب وباب النصر في الجنوب الشرقي حيث القلعة المعروفة بدار الناصري الكبير والتي أُنشئت في عهد الملك الناصر الرسولي على أنقاض قصور الزياديين والرسوليين في عام 828هـ.
وبنى محمد بن زياد في زبيد جامعًا كبيرًا كان يسمى بجامع المدينة ويعود الجامع في تأريخه إلى ما قبل القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وقد مرت عمارته بعدة تجديدات وإضافات خلال العصور الإسلامية المتعاقبة، فجدده الحسين بن سلامة سنة391 هـ/ 1000م ثم تعرض للهدم فيما بعد وأعيد بناؤه، وفي زمن سيف الإسلام طغتكين سنة 582هـ/ 1186م جدد كذلك، وبقى على حاله حتى زمن السلطان عامر بن عبد الوهاب فهدم وأعيد بناؤه من جديد سنة 897هـ/ 1491م على يد المعمار المعلم علي بن حسن المعمار.
ومن أهم مساجد زبيد جامع الأشعار والذي يعتبر من العمائر الدينية المهمة في زبيد، ويذكر ابن الأثير أنه قد تم تأسيسه عام 10هـ/ 631م في حين تشير مصادر أخرى إلى أنه أُسس سنة 8هـ على يد جماعة من قبيلة الأشاعرة ومنهم أبو موسى الأشعري لذا نسبت تسميته إلى تلك القبيلة.
وقد مرت عمارة الجامع بمراحل عديدة، إذ جرت عليه تجديدات خلال حكم الدولة الزيادية وفي عام 832هـ/ 1428م عمره الأمير سيف الدين برقوق الظاهري، وفي عهد السلطان عامر بن عبد الوهاب هدم الجامع سنة 897هـ/ 1491م وأعيد بناؤه من جديد حيث أولى السلطان عامر الناحية العلمية اهتمامًا كبيرًا واهتم بعمارة المباني الدينية وكان التعليم في زمنه يتم فيها، فكثيرًا ما كان الطلبة يتجمعون بجامع الأشعار لقراءة صحيح البخاري، كما احتفل بختم القرآن فيه سنة 916هـ/ 1510م.
وكان لزبيد مدينة العلم والعلماء السبق العلمي من بين مدن اليمن، فقد نشأت فيها أول مدرسة في اليمن وكان ذلك في أواخر حكم الدولة الأيوبية 569- 626هـ/ 1173-1229م، وتعد مصدر تخريج العلماء والأئمة وكبار الشعراء والأدباء على امتداد الساحة اليمنية والعالم الإسلامي، وذلك من خلال العديد من مصنَّفاتهم ومؤلفاتهم وكتبهم التي مثـَّلت أساسًا مرجعيًا للفكر العربي والإسلامي.
وعلى جانب آخر يعتبر معجم "تاج العروس" من جواهر القاموس للمرتضى الزبيدي أحد النتاجات العلمية الخالدة التي أبدعتها زبيد، فقد مثل هذا المعجم – كما يقول الباحثون – ذروة نتاج المعاجم اللغويّة.
وإذا ذكرت زبيد ذكر كذلك "القاموس المحيط" لمجد الدين الفيروز آبادي لأن زبيد احتضنت هذا العالم الجليل أكثر من عشرين سنة وعرفت له قدره فأعطته منصب القضاء الأكبر في المملكة اليمنية ومنحته لقب "قاضي الأقضية"، ومكنته من نشر العلم وإقامة مؤسسات علمية وكتابة مؤلفاته الكثيرة مثل "القاموس المحيط" و"بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" و"تسيير فائحة الأناب في تفسير فاتحة الكتاب" و"تحبير الموشين في التعبير بالسين والشين" و"الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد"، وغير ذلك من الآثار الخوالد.
لشهرتها العلمية وازدهارها الحضاري كانت مدينة زبيد محطة مهمة في أجندة الرحالة العرب والأجانب، فقد زار الرحالة المغربي ابن بطوطة بلاد اليمن وامتدت زيارته إلى مدينة زبيد فأعجب بها ووصفها وصفًا بليغًا أشاد فيه بشمائل أهلها وحسن خلقهم حيث قال: "زبيد مدينة عظيمة باليمن، وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها، ولا أغنى من أهلها، واسعة البساتين كثيرة والفواكه من الموز وغيره، كثيرة العمارة بها النخل والبساتين والمياه، أملح بلاد اليمن وأجملها، ولأهلها لطافة الشمائل وحسن الأخلاق وجمال الصور".
وقال عنها المستشرق البرتغالس لودفيكو فاريثما الذي قام برحلة حول العالم بين عامي 1503و1509: "وزبيد مدينة ضخمة وممتازة للغاية، تقع بالقرب من البحر الأحمر، إذ لا تبعد عنه أكثر من نصف يوم، كما أن موضعها يمتد امتدادًا إزاء البحر الأحمر، ويتم تمويل زبيد عن طريق البحر الأحمر بكميات هائلة من السكر، وتوجد في مدينة زبيد فاكهة ممتازة".
لكل مدينة حكاية وأصل وفصل وتاريخ يحكي أمجادها ويكشف أسرارها التي لم تبح بها، فكل ركن وزاوية وحجر في المدينة له قصة يرويها بمجرد النظر إليه، مدينة زبيد اليمنية دليل على ذلك، فقد جمعت الثقافة والتاريخ، وما إن تنظر إلى آثارها تجد حولك مئات القصص والأسرار التي تستفزك لكشفها.
عندما نبحر في التاريخ نجد أن مدينة "زبيد" أول مدينة إسلامية في اليمن، اختطها علي محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204هـ وكانت قبل ذلك التاريخ عبارة عن ثلاث قرى صغيرة هي المنامة والنقير وجبيجر.
ومنذ اختطاطها اتخذها علي محمد بن زياد عاصمة للدولة الزيادية (أول دولة إسلامية يمنية)، وقد ظلت عاصمة ومركز حكم للدويلات المتعاقبة مثل الدولة النجاحية والمهدية، ثم عاصمة شتوية ومركز علم وثقافة في عهد الدولة الأيوبية والرسولية والطاهرية في عهد المماليك، ثم أصبحت بعد ذلك مركزًا إداريًا وثقافيًا منذ قدوم الأتراك حتى اليوم.
يبلغ عدد سكان المدينة حسب دائرة الإحصاء لعام 2004 نحو 29035 نسمة، وتبلغ مساحتها الكلية ما يقارب 245 هكتارًا، ويعود أصل التسمية للمدينة نسبةً لوادي زبيد الذي تقع في منتصفه
وتقع زبيد في محافظة الحديدة وتتميز بأهمية تاريخية واستراتيجية، ويبلغ عدد سكانها حسب دائرة الإحصاء لعام 2004 نحو 29035 نسمة، وتبلغ مساحتها الكلية ما يقارب 245 هكتارًا، ويعود أصل التسمية للمدينة نسبةً لوادي زبيد الذي تقع في منتصفه.
ونظرًا لمكانتها العالمية فقد أصدرت منظمة اليونسكو عام 1993 قرارًا باعتبار المدينة معلم حضاري تاريخي ضمن معالم التراث الإنساني العالمي، وفي مارس من العام 1998 صنفت ضمن المدن التاريخية العالمية.
وعن التخطيط الجغرافي للمدينة، يحيط بالمدينة القديمة سور من الياجور شيد في القرن الثالث الهجري في عهد الأمير سلامة، ولقد جدد هذا السور وأضيفت إليه إضافات أخرى في عهد الدويلات التي تلت، حتى هدم في عهد الدولة العثمانية 1045هـ، ثم أسند بناؤه للقاضي الحسن بن عقيل الحازمي قاضي زبيد في عام 1222هـ.
وتوجد للمدينة خمسة أبواب هي باب سهام في الشمال والشبارق في الشرق والقرتب في الجنوب والنخيل في الغرب وباب النصر في الجنوب الشرقي حيث القلعة المعروفة بدار الناصري الكبير والتي أُنشئت في عهد الملك الناصر الرسولي على أنقاض قصور الزياديين والرسوليين في عام 828هـ.
وبنى محمد بن زياد في زبيد جامعًا كبيرًا كان يسمى بجامع المدينة ويعود الجامع في تأريخه إلى ما قبل القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وقد مرت عمارته بعدة تجديدات وإضافات خلال العصور الإسلامية المتعاقبة، فجدده الحسين بن سلامة سنة391 هـ/ 1000م ثم تعرض للهدم فيما بعد وأعيد بناؤه، وفي زمن سيف الإسلام طغتكين سنة 582هـ/ 1186م جدد كذلك، وبقى على حاله حتى زمن السلطان عامر بن عبد الوهاب فهدم وأعيد بناؤه من جديد سنة 897هـ/ 1491م على يد المعمار المعلم علي بن حسن المعمار.
ومن أهم مساجد زبيد جامع الأشعار والذي يعتبر من العمائر الدينية المهمة في زبيد، ويذكر ابن الأثير أنه قد تم تأسيسه عام 10هـ/ 631م في حين تشير مصادر أخرى إلى أنه أُسس سنة 8هـ على يد جماعة من قبيلة الأشاعرة ومنهم أبو موسى الأشعري لذا نسبت تسميته إلى تلك القبيلة.
وقد مرت عمارة الجامع بمراحل عديدة، إذ جرت عليه تجديدات خلال حكم الدولة الزيادية وفي عام 832هـ/ 1428م عمره الأمير سيف الدين برقوق الظاهري، وفي عهد السلطان عامر بن عبد الوهاب هدم الجامع سنة 897هـ/ 1491م وأعيد بناؤه من جديد حيث أولى السلطان عامر الناحية العلمية اهتمامًا كبيرًا واهتم بعمارة المباني الدينية وكان التعليم في زمنه يتم فيها، فكثيرًا ما كان الطلبة يتجمعون بجامع الأشعار لقراءة صحيح البخاري، كما احتفل بختم القرآن فيه سنة 916هـ/ 1510م.
وكان لزبيد مدينة العلم والعلماء السبق العلمي من بين مدن اليمن، فقد نشأت فيها أول مدرسة في اليمن وكان ذلك في أواخر حكم الدولة الأيوبية 569- 626هـ/ 1173-1229م، وتعد مصدر تخريج العلماء والأئمة وكبار الشعراء والأدباء على امتداد الساحة اليمنية والعالم الإسلامي، وذلك من خلال العديد من مصنَّفاتهم ومؤلفاتهم وكتبهم التي مثـَّلت أساسًا مرجعيًا للفكر العربي والإسلامي.
وعلى جانب آخر يعتبر معجم "تاج العروس" من جواهر القاموس للمرتضى الزبيدي أحد النتاجات العلمية الخالدة التي أبدعتها زبيد، فقد مثل هذا المعجم – كما يقول الباحثون – ذروة نتاج المعاجم اللغويّة.
وإذا ذكرت زبيد ذكر كذلك "القاموس المحيط" لمجد الدين الفيروز آبادي لأن زبيد احتضنت هذا العالم الجليل أكثر من عشرين سنة وعرفت له قدره فأعطته منصب القضاء الأكبر في المملكة اليمنية ومنحته لقب "قاضي الأقضية"، ومكنته من نشر العلم وإقامة مؤسسات علمية وكتابة مؤلفاته الكثيرة مثل "القاموس المحيط" و"بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز" و"تسيير فائحة الأناب في تفسير فاتحة الكتاب" و"تحبير الموشين في التعبير بالسين والشين" و"الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد"، وغير ذلك من الآثار الخوالد.
لشهرتها العلمية وازدهارها الحضاري كانت مدينة زبيد محطة مهمة في أجندة الرحالة العرب والأجانب، فقد زار الرحالة المغربي ابن بطوطة بلاد اليمن وامتدت زيارته إلى مدينة زبيد فأعجب بها ووصفها وصفًا بليغًا أشاد فيه بشمائل أهلها وحسن خلقهم حيث قال: "زبيد مدينة عظيمة باليمن، وليس باليمن بعد صنعاء أكبر منها، ولا أغنى من أهلها، واسعة البساتين كثيرة والفواكه من الموز وغيره، كثيرة العمارة بها النخل والبساتين والمياه، أملح بلاد اليمن وأجملها، ولأهلها لطافة الشمائل وحسن الأخلاق وجمال الصور".
وقال عنها المستشرق البرتغالس لودفيكو فاريثما الذي قام برحلة حول العالم بين عامي 1503و1509: "وزبيد مدينة ضخمة وممتازة للغاية، تقع بالقرب من البحر الأحمر، إذ لا تبعد عنه أكثر من نصف يوم، كما أن موضعها يمتد امتدادًا إزاء البحر الأحمر، ويتم تمويل زبيد عن طريق البحر الأحمر بكميات هائلة من السكر، وتوجد في مدينة زبيد فاكهة ممتازة".