ما هو مكر الله.. وكيف يأمنه الإنسان؟
فإن المؤمن يحذر مكر الله إذا عرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله وسننه الإلهية التي لا تعرف المحاباة، وقد وصف الله تعالى نفسه فقال: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.. [آل عمران: 54] والمكر في الأصل: التدبير الخفي المفضي بالممكور به إلى ما لا يحتسب.. ومكر الله تعالى، وهو تدبيره الذي يخفى على الناس، إنما يكون بإقامة سننه وإتمام حكمه، وكلها خير في أنفسها، وإن قصر كثير من الناس في الاستفادة منها بجهلهم وسوء اختيارهم. والمراد بالجهل ما يتعلق بصفات الله تعالى وسننه اغترارا بالظواهر، كأن يغتر القوي بقوته، والغني بثروته، والعالم بعلمه، والعابد بعبادته، فيخطئ تقديره ما قدره الله تعالى فيظن أن ما عنده يبقى، وما يترتب عليه من الآثار في ظنه لا يتخلف. اهـ من تفسير المنار. وقال التستري في تفسيره: المكر المضاف إلى تدبيره في سابق علمه من قدرته فلا ينبغي لأحد أن يأمن مكره، لأن أمن المكر لا يدفع القدر، ولا يخرج أحداً عن قدرة الله تعالى. اهـ.
وقد وصف الله تعالى من يأمن مكره بالخسران فقال: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] قال السعدي: هذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان. بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيا بقوله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. وأن يعمل ويسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد – ولو بلغت به الحال ما بلغت – فليس على يقين من السلامة. اهـ.
فهذا حال المؤمن العارف بربه المسارع في طاعته، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.. [المؤمنون: 60-61] قالت عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية.. أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني. وقال الحسن البصري: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِق وَجِل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. اهـ.
وقال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: الأنبياء عليهم السلام يعلمون أنهم مأمونو العواقب ومع ذلك هم أشد خوفا، والعشرة المشهود لهم بالجنة كذلك، وقد قال عمر رضي الله عنه: لو أن رجلي الواحدة داخل الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله. اهـ.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يؤاخذني الله وابن مريم بما جنت هاتان يعني الإبهام والتي تليها لعذبنا الله ثم لم يظلمنا شيئا. رواه ابن حبان، وصححه الألباني. وقال ابن مسعود: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا فطار. رواه البخاري والترمذي.
وكذلك مما يحمل المؤمن على عدم الأمن من مكر الله تعالى أنه لا يدري أغفرت سيئاته وقبلت حسناته أم لا، ثم بعد ذلك بما يختم له فإنما الأعمال بالخواتيم، قال المناوي في فيض القدير: من تحققت له المغفرة استراح، وذلك لا يكون إلا بعد فصل القضاء والأمر بدخول الجنة، فليس الموت مريحا لأن ما بعده غيب عنا. اهـ.
وعدم الأمن من مكر الله لا يخص الدنيا بل يمتد إلى الآخرة، ويلازم المؤمن إلى أن يحط رحاله في الجنة، وعندئذ يأمن مكر الله تعالى، كما سبق في نقل السبكي عن عمر، وقد سئل الإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة (المقصد الأرشد 2 / 398).
فإن المؤمن يحذر مكر الله إذا عرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله وسننه الإلهية التي لا تعرف المحاباة، وقد وصف الله تعالى نفسه فقال: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.. [آل عمران: 54] والمكر في الأصل: التدبير الخفي المفضي بالممكور به إلى ما لا يحتسب.. ومكر الله تعالى، وهو تدبيره الذي يخفى على الناس، إنما يكون بإقامة سننه وإتمام حكمه، وكلها خير في أنفسها، وإن قصر كثير من الناس في الاستفادة منها بجهلهم وسوء اختيارهم. والمراد بالجهل ما يتعلق بصفات الله تعالى وسننه اغترارا بالظواهر، كأن يغتر القوي بقوته، والغني بثروته، والعالم بعلمه، والعابد بعبادته، فيخطئ تقديره ما قدره الله تعالى فيظن أن ما عنده يبقى، وما يترتب عليه من الآثار في ظنه لا يتخلف. اهـ من تفسير المنار. وقال التستري في تفسيره: المكر المضاف إلى تدبيره في سابق علمه من قدرته فلا ينبغي لأحد أن يأمن مكره، لأن أمن المكر لا يدفع القدر، ولا يخرج أحداً عن قدرة الله تعالى. اهـ.
وقد وصف الله تعالى من يأمن مكره بالخسران فقال: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] قال السعدي: هذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان. بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيا بقوله: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. وأن يعمل ويسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد – ولو بلغت به الحال ما بلغت – فليس على يقين من السلامة. اهـ.
فهذا حال المؤمن العارف بربه المسارع في طاعته، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.. [المؤمنون: 60-61] قالت عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية.. أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد. وصححه الألباني. وقال الحسن البصري: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِق وَجِل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. اهـ.
وقال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: الأنبياء عليهم السلام يعلمون أنهم مأمونو العواقب ومع ذلك هم أشد خوفا، والعشرة المشهود لهم بالجنة كذلك، وقد قال عمر رضي الله عنه: لو أن رجلي الواحدة داخل الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله. اهـ.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يؤاخذني الله وابن مريم بما جنت هاتان يعني الإبهام والتي تليها لعذبنا الله ثم لم يظلمنا شيئا. رواه ابن حبان، وصححه الألباني. وقال ابن مسعود: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا فطار. رواه البخاري والترمذي.
وكذلك مما يحمل المؤمن على عدم الأمن من مكر الله تعالى أنه لا يدري أغفرت سيئاته وقبلت حسناته أم لا، ثم بعد ذلك بما يختم له فإنما الأعمال بالخواتيم، قال المناوي في فيض القدير: من تحققت له المغفرة استراح، وذلك لا يكون إلا بعد فصل القضاء والأمر بدخول الجنة، فليس الموت مريحا لأن ما بعده غيب عنا. اهـ.
وعدم الأمن من مكر الله لا يخص الدنيا بل يمتد إلى الآخرة، ويلازم المؤمن إلى أن يحط رحاله في الجنة، وعندئذ يأمن مكر الله تعالى، كما سبق في نقل السبكي عن عمر، وقد سئل الإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة (المقصد الأرشد 2 / 398).