تحقيقات التخابر: الوثائق المسربة لـ”قطر” كانت بحوزة مرسي

مرسي-في-القفص-597x390

كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في قضية اتهام الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 متهمين آخرين، بتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية تتعلق بالأمن القومي المصري إلى دولة قطر، عن اعترافات تفصيلية لعدد من المتهمين في القضية، بقيامهم بالتخطيط لتسليم الوثائق موضوع الاتهام، إلى دولة قطر وجهاز المخابرات القطري.

وقرر المتهمون المحبوسون، أثناء التحقيقات، أن المتهمين أمين الصيرفي (المتهم الثالث) رئيس طاقم سكرتارية رئيس الجمهورية الأسبق ونجلته كريمة الصيرفي (المتهمة الثامنة)، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك.

وتبين من التحقيقات، التي أجريت برئاسة المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا المستشار تامر فرجاني، أن عددا من الوثائق والمستندات التي تم تسريبها من داخل مؤسسة الرئاسة، كانت تتضمن معلومات تفصيلية عن تسليح القوات المسلحة المصرية، وخطط تطويرها لمواجهة خطط التطوير الإسرائيلية، وتشكيلات الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة وأبرز الأسلحة بها، والتواجد الأمني والعسكري الأمريكي بالمنطقة العربية، والتوازن العسكري الإسرائيلي وقدرات وإمكانيات الجيش الإسرائيلي، وحجم القوات متعددة الجنسيات بسيناء، والموازنة العامة لجهاز للمخابرات العامة المصرية.

وأظهرت التحقيقات أن تلك المعلومات التي تحتويها الوثائق والمستندات المهربة من مؤسسة الرئاسة، كانت تسلم بصفة شخصية إلى رئيس الجمهورية بنفسه، بمعرفة رئيس أيا من الجهات أو الوزارات السيادية، وأنه لا يطلع عليها داخل مؤسسة الرئاسة سوى رئيس الجمهورية وحده فقط ودون غيره، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بعرفته.

وأقر المتهم الرابع في التحقيقات أحمد علي عبده عفيفي أنه كان من المشاركين في اعتصام أعضاء جماعة الإخوان بمنطقة رابعة العدوية اعتبارا من يوم 28 يونيو 2013 وحتى فض الاعتصام في شهر أغسطس من ذات العام، وأنه تولى مسئولية توفير وسائل الإعاشة والتغذية للمعتصمين.

وأضاف المتهم في اعترافاته أمام النيابة العامة، انه في غضون شهر ديسمبر عام 2013 تقابل والمتهمين السادس (محمد عادل كيلاني – مضيف جوي بمصر للطيران) والتاسعة (أسماء الخطيب – مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) والعاشر (عمر محمد سبلان – أردني الجنسية – معد برامج بقناة الجزيرة) وذلك بمسكن المتهم الخامس (خالد حمدي عبد الوهاب رضوان – مدير الإنتاج بقناة مصر 25 ).

وأوضح أنه كان بحوزة المتهمة التاسعة أسماء الخطيب حقيبة بداخلها مجموعة من الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية بالبلاد، كالقوات المسلحة والمخابرات العامة والحربية وقطاع الأمن وهيئة الرقابة الإدارية، والموجهة إلى رئاسة الجمهورية إبان حكم المتهم الأول محمد مرسي للبلاد.

وقال المتهم الرابع، في اعترافاته بالتحقيقات، إن المستندات التي كانت بحوزة المتهمة أسماء الخطيب، تضمنت معلومات عن تسليح القوات المسلحة المصرية وحجمها وتشكيلاتها المتنوعة وأماكن تمركزها بشبه جزيرة سيناء، وكذا معلومات عن تسليح الجيش الإسرائيلي وعدد الإناث والذكور به، وأماكن تمركز منصات الصواريخ، وبيانات تفصيلية عن أعضاء الكنيست الإسرائيلي وانتماءاتهم الحزبية.

وأضاف المتهم أحمد عفيفي، أن أسماء الخطيب أبلغته بتحصلها على تلك المستندات من المتهمة الثامنة (كريمة أمين الصيرفي) والتي تحصلت عليها بدورها من والدها المتهم الثالث إبان عمله كسكرتير خاص للمتهم محمد مرسي خلال فترة رئاسته للبلاد، وأن أمين الصيرفي وابنته كريمة يرغبان في تسليم الوثائق والأوراق آنفة البيان لقناة الجزيرة القطرية لنشرها، وأعقب ذلك قيامه والمتهمون الخامس والسابع (أحمد إسماعيل ثابت – معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) والعاشر، بنسخ تلك المستندات وإرسالها إلى المتهم الحادي عشر (إبراهيم محمد هلال – رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية) عبر البريد الالكتروني.

وأكد المتهم أن المتهمين اتفقوا على تسليم الجانب القطري أصول المستندات والوثائق التي بحوزتهم، وأنه المتهم العاشر علاء عمر سبلان غادر إلى دولة قطر، حيث التقى بالمتهم إبراهيم هلال والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق – رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) بحضور ضابط بجهاز المخابرات القطري، وذلك بفندق شيراتون الدوحة.

وأوضح أن المتهمين اتفقوا مع المسؤولين القطريين على ضرورة استلامهم أصول المستندات الصادرة من أجهزة الدولة السيادية المصرية التي جرى تهريبها من مؤسسة الرئاسة، ونقلها من مصر إلى قطر مقابل مبلغ مليون دولار، تقاضى منه المتهم علاء عمر سبلان مبلغ خمسين ألف دولار كدفعة مقدمة، وحول منها مبلغ عشرة الاف دولار لصالحه (أي المتهم الرابع أحمد علي عبده عفيفي) عبر شركة ويسترن يونيون لتحويل الأموال.

وذكر المتهم أحمد عفيفي أنه تنفيذا للاتفاق بنقل أصول المستندات وتسليمها إلى جهاز المخابرات القطري، فقد اتفق مع المتهمين السابع والعاشر والسادس على أن يقوم الأخير (نظرا لأنه يعمل كمضيف جوي) بنقل الحقيبة وما تحويه من مستندات إلى دولة قطر خلال إحدى رحلاته الجوية المتجهة إلى مطار الدوحة، خاصة أنه لا يخضع لإجراءات التفتيش المعتادة، على أن يتسلم منه تلك الحقيبة بمطار الدوحة احد ضباط جهاز المخابرات القطرية.

واختتم المتهم إقراره بتقابله والمتهمة الثامنة كريمة الصيرفي التي أبلغته بامتعاضها من عدم نشر المستندات التي أرسلت عبر البريد الألكتروني عبر قناة الجزيرة، وأنها تحتفظ بمجموعة أخرى من ذات نوعية المستندات المشار إليها وسوف تقوم لاحقا بتسليمها له حال نشر وإذاعة المستندات السابقة عبر قناة الجزيرة.

من جانبه، أقر المتهم الخامس خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان خلال التحقيقات بإعداد خطة لتهريب المستندات والوثائق المهربة من مؤسسة الرئاسة خلال فترة حكم مرسي، إلى دولة قطر، تمهيدا لإذاعة ما بها من معلومات بقناة الجزيرة القطرية على ذات نهج التسريبات الأخيرة المذاعة على تلك القناة آنذاك.

وأشار إلى أنه في غضون شهر يناير من العام الجاري طلب منه المتهم الرابع أحمد عفيفي بتكليف أي من أصدقائه المقيمين بدولة قطر باستلام مبلغ عشرة الاف دولار من المتهم العاشر علاء عمر سبلان، وتحويل المبلغ عبر شركة “ويسترن يونيون” باسمه – أي المتهم الخامس- مبررا له ذلك بكون بطاقة الرقم القومي الخاصة به تستحق التجديد ولا يمكن له استلام ثمة مبالغ مالية بموجبها، ونفاذا لذلك تواصل المتهم مع المدعو عبد المجيد السقا الذي يعمل بقناة الجزيرة القطرية والذي استلم المبلغ من المتهم العاشر وقام بتحويله باسمه – خالد حمدي – من دولة قطر إلى شركة ويسترن يونيون فرع السادس من أكتوبر.

وأضاف المتهم الخامس أنه عقب استلامه المبلغ قام بتحويله إلى العملة الوطنية، وأخذ منه مبلغ ثلاثة الاف جنيه وسلم بقية المبلغ إلى المتهم الرابع، مؤكدا أنه كان على علم بأن ذلك المبلغ هو مقابل بيع وتسليم تلك المستندات إلى قناة الجزيرة القطرية.

من جهته، قال المتهم السادس محمد عادل حامد كيلاني في التحقيقات إنه في أعقاب ثورة 30 يونيو شارك في اعتصام رابعة العدوية، وتعرف خلاله على المتهم الرابع أحمد علي عفيفي الذي كان أحد مسئولي منصة ذلك الاعتصام، وانه تقابل معه عدة مرات بعد فض الاعتصام وبرفقته مجموعة من الأشخاص، حيث كانوا يقومون جميعا بتجميع المواد الفيلمية الخاصة بتظاهرات جماعة الإخوان و إرسالها عبر حواسبهم المحمولة لقناة الجزيرة الفضائية لبثها.

وأضاف أنهم عقدوا لقاء في غضون شهر ديسمبر من العام الماضي، ضم المتهمين الرابع والتاسعة والعاشر بمسكن المتهم الخامس بمدينة السادس من أكتوبر، وبحوزتهم حقيبة أحضرتها المتهمة التاسعة، وبداخلها مجموعة من المستندات التي تم تسربيها من مكتب رئيس الجمهورية الأسبق محمد مرسي قبل 30 يونيو 2013 وأن هذه المستندات والتقارير صادرة من أجهزة المخابرات والقوات المسلحة المصرية إلى رئيس الجمهورية إبان حكم مرسي، وتتضمن معلومات عن تسليح القوات المسلحة المصرية والجيش الاسرائيلى.

وأوضح المتهم في اعترافاته أنه نفاذا لتكليفات المتهم الرابع، فقد احتفظ بتلك الحقيبة بمسكنه، واعقب ذلك لقاء جمعه والمتهمين الرابع والعاشر واتفقوا خلاله على تهريب المستندات لمسئولي قناة الجزيرة القطرية وجهاز المخابرات القطرى، وأن المتهم العاشر هو من سيقوم بالتنسيق مع الأجهزة القطرية وانه – أي المتهم السادس- هو من سيتولى نقل تلك المستندات إلى دولة قطر وتسليمها لأحد ضباط جهاز المخابرات القطري بمطار الدوحة نظرا لعمله كمضيف جوى بشركة مصر للطيران ولا يخضع لإجراءات التفتيش المعتادة.

وأكد المتهم السادس أنه قام بتعديل جدول رحلاته لتشمل العاصمة القطرية الدوحة، لعدم إدراجها ضمن جدول أعماله وأعقب ذلك لقاؤه والمتهم الرابع، حيث أبلغه الأخير بسفر المتهم العاشر إلي دولة قطر وتنسيقه مع أحد ضباط المخابرات القطرية لاستلام تلك المستندات منه بمنطقة السوق الحرة بمطار الدوحة، وذلك خلال رحلته الجوية المتجهة إلى الدوحة.. قبل أن يهاتفه المتهم الرابع ليخبره بتأجيل موعد تسليم تلك المستندات لإعادة التنسيق مع المسئولين القطريين بشأنها، طالبا منه الاستمرار في الاحتفاظ بالحقيبة وما تحويه من مستندات بمسكنه حتى تمام ذلك التنسيق، إلى أن تم ضبطه بمسكنه وبحوزته الحقيبة.

وشملت قائمة أدلة الثبوت بالقضية شهادة ضابط بالقوات المسلحة برتبة مقدم والذي يتولى المتابعة والإشراف على كافة الإجراءات الأمنية المتعلقة بأمن مؤسسة الرئاسة وإجراء التفتيش الوقائي للعاملين، والذي قرر بأقواله أن إجراءات التفتيش لا تشمل كبار الموظفين بالرئاسة.

وأضاف الشاهد أن كافة المستندات الواردة لرئيس الجمهورية تتسم بدرجات مختلفة من السرية حسب أهمية ما تتناوله من معلومات.. مشيرا إلى أنه إبان حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، كان المتهم الثاني أحمد عبد العاطي بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية ومنذ تعيينه بتلك الوظيفة بتاريخ 13 يوليو 2012 باستلام كافة المستندات الواردة إلى مؤسسة الرئاسة من الوزارات والجهات الأمنية السيادية بالبلاد، كالقوات المسلحة ووزارة الداخلية والمخابرات العامة والمخابرات الحربية وقطاع الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية، عن طريق استقبال تلك المستندات عبر جهاز الفاكس المشفر الخاص برئاسة الجمهورية والمتواجد بمكتب أحمد عبد العاطي، والثانية بإرسال تلك المستندات إلى عبد العاطي شخصيا بمعرفة مندوبي الجهات آنفة البيان، حيث كان أحمد عبد العاطي يتولى عرضها على رئيس الجمهورية واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، بحيث تحفظ عقب ذلك بخزائن حديدية بمكتب أحمد عبد العاطي، ولا يجوز نهائيا استخراجها من الحفظ أو نقلها خارج المقرات الرئاسية إلا بمعرفة وتعليمات عبد العاطي شخصيا بصفته مدير مكتب رئيس الجمهورية وبعلم الرئيس.

وأوضح الشاهد أنه فيما يتعلق بالمستندات والأوراق موضوع القضية، والتي تتضمن معلومات بالغة الأهمية وتتعلق بالمصالح القومية للبلاد كتسليح القوات المسلحة المصرية وخطط تطويرها لمواجهة خطط التطوير الإسرائيلية، وتشكيلات الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة وأبرز الأسلحة بها والتواجد الأمني والعسكري الأمريكي بالمنطقة العربية والتوازن العسكري الإسرائيلي وقدرات وإمكانيات الجيش الإسرائيلي وحجم القوات متعددة الجنسيات بسيناء والموازنة العامة للمخابرات العامة المصرية، فإن تلك المستندات وما تتضمنه من معلومات بالغة الخطورة وتتعلق بالمصالح القومية للبلاد، لم تكن تعرض إلا على محمد مرسي وحده بصفته رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت، وذلك بمعرفة رئيس أيا من الجهات أو الوزارات السيادية الصادرة عنها تلك المستندات.

وذكر الشاهد أن “مرسي” إبان فترة حكمه للبلاد، هو من كان يتولى حفظ تلك النوعية من المستندات بشخصه داخل خزينة بمكتبه أو أن يقوم بفرمها والتخلص منها بمعرفة الأجهزة المعدة المخصصة لذلك، والمتواجدة أيضا داخل مكتبه، مؤكدا أن تلك النوعية من المستندات لا يطلع عليها داخل مؤسسة الرئاسة إلا رئيس الجمهورية فقط دون غيره ولا يجوز تداولها أو نقلها خارج مقر الرئاسة.

وأكد الشاهد أن المتهم الثالث أمين عبد الحميد الصيرفى كان من كبار الموظفين بالرئاسة وشغل منصب سكرتير بمكتب سكرتارية رئيس الجمهورية خلال الفترة من 13 نوفمبر 2012 وحتى 30 يونيو 2013 حيث كان يعمل تحت إشراف المتهم الثاني أحمد عبد العاطي، وانهما لم يخضعا لأية إجراءات تفتيش في تحركاتهما من و إلى مقرات عملهما بقصر الاتحادية الرئاسى، باعتبارهما من كبار الموظفين بمؤسسة الرئاسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...