هام به العشاق، وسهر تحت ضيائه الأحبة، ونُسجت حوله الأساطير، بل إنّ البعض اعتبره إلهًا. إنه القمر، أقرب جيران الأرض، والتابع المخلص والوفي لها.

 

ما لا يعلمه الكثير من الناس، أن القمر يبتعد ببطءٍ عن كوكب الأرض، بمقدار بوصة ونصف كل عام، طبقًا لما ذكرته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وبالطبع فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا لو ابتعد القمر بالقدر الكافي ليتمكن من الهرب من جاذبية الأرض، هل ستفتقده الأرض بالفعل، أم أن الأمر سيمر مرور الكرام؟

 

جاذبية القمر

 

نتيجة لقرب القمر النسبي، فإنه يؤثر بقوة جذب كبيرة على الأرض. بالطبع فإن قوة الجذب على القمر ليست بنفس مقدار الجاذبية الأرضية، لكنها قوة كبيرة نسبيًّا يصل تأثيرها للأرض نفسها. تبلغ جاذبية القمر 1.63 متر لكل ثانية مربعة، وهي بالتالي تمثل 16,6% من جاذبية الأرض.

 

ويكون تأثير قوة الجاذبية القمرية أكثر وضوحًا على جانب الأرض المواجه للقمر، من تأثير جاذبية القمر في مركز الأرض، وأيضًا فإن جاذبية القمر تكون أعلى عند مركز الأرض من الجاذبية على السطح غير المواجه للقمر. هذا الأمر يتسبب في حدوث بروز لمياه المحيطات باتجاه أحد جانبي الكوكب فيما يعرف بظاهرة المد. ونتيجة لدوران الأرض فإن هذا يعطينا وقتين يوميًّا للمد العالي يتبعهما بست ساعات حدوث ظاهرة الجزر.

 

وبدون القمر، فإننا سنحصل على ظاهرة مد وجزر أقل بكثير مما يحدث حاليًا. لن تختفي ظاهرة المد والجزر نتيجة تأثير جاذبية الشمس، لكنها ستقل بشكل واضح عما هو موجود الآن.

 

دوران الأرض

 

القمر لا يؤثر فقط على مستوى المحيطات والبحار، لكنه يؤثر أيضًا في سرعة دوران الأرض حول نفسها. فالقمر يتسبب في بطء دوران الأرض حول نفسها نتيجة ظاهرة تسمى «احتكاك المد والجزر tidal friction». هذه الظاهرة تنشأ عن قوى المد والجزر بين الأقمار والكواكب التي تدور حولها هذه الأقمار. تأثير هذه القوى يسبب تسارعًا يؤدي إلى حدوث ركود تدريجي في مدار دوران القمر ويتسبب أيضًا في تباطؤ الكوكب عن الدوران حول نفسه.

 

فالنتؤات أو البروزات التي تحدث في مياه المحيطات نتيجة لقوة المد الناشئة عن القمر تعمل كما لو كانت مكابح لحركة الأرض ودورانها حول نفسها، وبالتالي فإن الأرض تستغرق وقتًا أطول لإتمام دورة كاملة حول نفسها، مما يؤدي إلى زيادة وقت اليوم الأرضي. فلو اختفى القمر لأصبح اليوم أقصر.

 

لكن تأثير المكابح هذه ليس بالشيء الملحوظ، كي نكون أكثر دقة، فالأرض تتأخر لمدة ثانيتين فقط كل 100 ألف عام، وعلى الرغم من أنها نسبة ضئيلة بالنسبة لنا، إلا أنها تصبح رقمًا معتبرًا إذا ما قورنت بعمر الكون ونشأة الأرض. وبالتالي فلو لم يكن القمر موجودًا من البداية لكنا نتحدث حاليًا عن يوم أرضي يقل عدة ساعات عما هو عليه حاليًا، ولكان عدد ساعات العمل أقل من هذا.

 

 

القمر هو المسؤول عن تثبيت محور دوران الأرض حول نفسها

تثبيت الدوران

 

أحد أهم تأثيرات القمر على الأرض هو أن القمر يقوم بتثبيت دوران الأرض, فعندما تدور الأرض فإنها تتذبذب قليلًا ذهابًا وإيابًا حول محورها. لكن من دون القمر لكانت هذه التذبذات أكثر وضوحًا وقوةً مما هي عليه حاليًا.

 

فالعلاقة بين التذبذب وبين مدار الدوران هي علاقة معقدة. ويحاول نائب المدير العام لقسم علوم الفضاء في مركز الفضاء النرويجي، تيري فاهل، تبسيط هذه العلاقة قائلًا إنها أشبه بالرياضي المشارك في دورة الألعاب الأولمبية في مسابقة رمي الجلة أو رمي المطرقة. فعندما يدور الشخص حول نفسه من أجل اكتساب القوة لرمي المطرقة لأبعد مسافة ممكنة، فإنه لا يستطيع أن يدور حول نفسه في نقطة مركزية معينة. وبعد أن يلقي المطرقة نلاحظ أنه يحتاج للتراجع عدة خطوات حتى لا يسقط على وجهه.

 

هنا فإننا نلاحظ أن ثقل المطرقة هو ما يسعاد الرياضي على عدم السقوط عند دورانه حول نفسه، وهو فعل مشابه تقريبًا لتأثير القمر على الأرض، فالقمر يمنع الأرض من التذبذب والتحرك بشكلٍ كبير من مركز دورانها المعتاد.

 

لولا القمر لكان القطب الشمالي في الكونغو

 

جميعنا يعرف أن محور دوران الأرض حول نفسه يميل بمقدار 23.4 درجة عن الوضع الرأسي الطبيعي، وفي الحقيقة فإن هذا المحور يتذبذب بين درجتي 22.1 و24.5 على وجه الدقة. لكن لو لم يكن القمر موجودًا لزادت قيمة الزاويتين اللتين يتذبذب المحور بينهما، ولكن المتوسط أكبر من 23.4 درجة.

 

من الممكن في حالة وجود القمر أن تميل الأرض كثيرًا حتى ترقد على جانبها ليصبح الخط الواصل بين القطب الشمالي والجنوبي في وضعهما القائم حاليًا خطًّا أفقيًّا وليس رأسيًّا، أي أن القطب الشمالي كان ليغير مكانه ويصبح في مكانٍ ما من القارة الإفريقية مثلًا. هذا الأمر كان ليتسبب في حدوث فروقات كبيرة في درجات الحرارة وعدد ساعات الليل والنهار. أيضًا في بعض الأوقات كان محور الأرض سيكون رأسيًا بشكل كامل لدرجة تساوي عدد ساعات الليل والنهار على مدار العام، وبالتالي لم تكن لتنشأ فصول السنة الأربعة.

 

هذه الاتلافات كانت لتتسبب في حدوث فرق كبير جدًّا في درجات الحرارة بين فصلي الصيف والشتاء، وكان مناخنا بشكل عام سيكون قريبًا من مناخ كوكب المريخ الذي لا يملك قمرًا كبيرًا كقمرنا يمكنه من التوازن عند الدوران.

 

 

 

هام به العشاق، وسهر تحت ضيائه الأحبة، ونُسجت حوله الأساطير، بل إنّ البعض اعتبره إلهًا. إنه القمر، أقرب جيران الأرض، والتابع المخلص والوفي لها.

 

ما لا يعلمه الكثير من الناس، أن القمر يبتعد ببطءٍ عن كوكب الأرض، بمقدار بوصة ونصف كل عام، طبقًا لما ذكرته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وبالطبع فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا لو ابتعد القمر بالقدر الكافي ليتمكن من الهرب من جاذبية الأرض، هل ستفتقده الأرض بالفعل، أم أن الأمر سيمر مرور الكرام؟

 

جاذبية القمر

 

نتيجة لقرب القمر النسبي، فإنه يؤثر بقوة جذب كبيرة على الأرض. بالطبع فإن قوة الجذب على القمر ليست بنفس مقدار الجاذبية الأرضية، لكنها قوة كبيرة نسبيًّا يصل تأثيرها للأرض نفسها. تبلغ جاذبية القمر 1.63 متر لكل ثانية مربعة، وهي بالتالي تمثل 16,6% من جاذبية الأرض.

 

ويكون تأثير قوة الجاذبية القمرية أكثر وضوحًا على جانب الأرض المواجه للقمر، من تأثير جاذبية القمر في مركز الأرض، وأيضًا فإن جاذبية القمر تكون أعلى عند مركز الأرض من الجاذبية على السطح غير المواجه للقمر. هذا الأمر يتسبب في حدوث بروز لمياه المحيطات باتجاه أحد جانبي الكوكب فيما يعرف بظاهرة المد. ونتيجة لدوران الأرض فإن هذا يعطينا وقتين يوميًّا للمد العالي يتبعهما بست ساعات حدوث ظاهرة الجزر.

 

وبدون القمر، فإننا سنحصل على ظاهرة مد وجزر أقل بكثير مما يحدث حاليًا. لن تختفي ظاهرة المد والجزر نتيجة تأثير جاذبية الشمس، لكنها ستقل بشكل واضح عما هو موجود الآن.

 

دوران الأرض

 

القمر لا يؤثر فقط على مستوى المحيطات والبحار، لكنه يؤثر أيضًا في سرعة دوران الأرض حول نفسها. فالقمر يتسبب في بطء دوران الأرض حول نفسها نتيجة ظاهرة تسمى «احتكاك المد والجزر tidal friction». هذه الظاهرة تنشأ عن قوى المد والجزر بين الأقمار والكواكب التي تدور حولها هذه الأقمار. تأثير هذه القوى يسبب تسارعًا يؤدي إلى حدوث ركود تدريجي في مدار دوران القمر ويتسبب أيضًا في تباطؤ الكوكب عن الدوران حول نفسه.

 

فالنتؤات أو البروزات التي تحدث في مياه المحيطات نتيجة لقوة المد الناشئة عن القمر تعمل كما لو كانت مكابح لحركة الأرض ودورانها حول نفسها، وبالتالي فإن الأرض تستغرق وقتًا أطول لإتمام دورة كاملة حول نفسها، مما يؤدي إلى زيادة وقت اليوم الأرضي. فلو اختفى القمر لأصبح اليوم أقصر.

 

لكن تأثير المكابح هذه ليس بالشيء الملحوظ، كي نكون أكثر دقة، فالأرض تتأخر لمدة ثانيتين فقط كل 100 ألف عام، وعلى الرغم من أنها نسبة ضئيلة بالنسبة لنا، إلا أنها تصبح رقمًا معتبرًا إذا ما قورنت بعمر الكون ونشأة الأرض. وبالتالي فلو لم يكن القمر موجودًا من البداية لكنا نتحدث حاليًا عن يوم أرضي يقل عدة ساعات عما هو عليه حاليًا، ولكان عدد ساعات العمل أقل من هذا.

 

 

القمر هو المسؤول عن تثبيت محور دوران الأرض حول نفسها

تثبيت الدوران

 

أحد أهم تأثيرات القمر على الأرض هو أن القمر يقوم بتثبيت دوران الأرض, فعندما تدور الأرض فإنها تتذبذب قليلًا ذهابًا وإيابًا حول محورها. لكن من دون القمر لكانت هذه التذبذات أكثر وضوحًا وقوةً مما هي عليه حاليًا.

 

فالعلاقة بين التذبذب وبين مدار الدوران هي علاقة معقدة. ويحاول نائب المدير العام لقسم علوم الفضاء في مركز الفضاء النرويجي، تيري فاهل، تبسيط هذه العلاقة قائلًا إنها أشبه بالرياضي المشارك في دورة الألعاب الأولمبية في مسابقة رمي الجلة أو رمي المطرقة. فعندما يدور الشخص حول نفسه من أجل اكتساب القوة لرمي المطرقة لأبعد مسافة ممكنة، فإنه لا يستطيع أن يدور حول نفسه في نقطة مركزية معينة. وبعد أن يلقي المطرقة نلاحظ أنه يحتاج للتراجع عدة خطوات حتى لا يسقط على وجهه.

 

هنا فإننا نلاحظ أن ثقل المطرقة هو ما يسعاد الرياضي على عدم السقوط عند دورانه حول نفسه، وهو فعل مشابه تقريبًا لتأثير القمر على الأرض، فالقمر يمنع الأرض من التذبذب والتحرك بشكلٍ كبير من مركز دورانها المعتاد.

 

لولا القمر لكان القطب الشمالي في الكونغو

 

جميعنا يعرف أن محور دوران الأرض حول نفسه يميل بمقدار 23.4 درجة عن الوضع الرأسي الطبيعي، وفي الحقيقة فإن هذا المحور يتذبذب بين درجتي 22.1 و24.5 على وجه الدقة. لكن لو لم يكن القمر موجودًا لزادت قيمة الزاويتين اللتين يتذبذب المحور بينهما، ولكن المتوسط أكبر من 23.4 درجة.

 

من الممكن في حالة وجود القمر أن تميل الأرض كثيرًا حتى ترقد على جانبها ليصبح الخط الواصل بين القطب الشمالي والجنوبي في وضعهما القائم حاليًا خطًّا أفقيًّا وليس رأسيًّا، أي أن القطب الشمالي كان ليغير مكانه ويصبح في مكانٍ ما من القارة الإفريقية مثلًا. هذا الأمر كان ليتسبب في حدوث فروقات كبيرة في درجات الحرارة وعدد ساعات الليل والنهار. أيضًا في بعض الأوقات كان محور الأرض سيكون رأسيًا بشكل كامل لدرجة تساوي عدد ساعات الليل والنهار على مدار العام، وبالتالي لم تكن لتنشأ فصول السنة الأربعة.

 

هذه الاتلافات كانت لتتسبب في حدوث فرق كبير جدًّا في درجات الحرارة بين فصلي الصيف والشتاء، وكان مناخنا بشكل عام سيكون قريبًا من مناخ كوكب المريخ الذي لا يملك قمرًا كبيرًا كقمرنا يمكنه من التوازن عند الدوران.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Ask AI to edit or generate...